ويسعدني أن أشارككم اليوم بموضوع جديد يمكن تصنيفه في التنمية الذاتية أو الشخصية
بعبارة أخرى أصنفه ضمن الارتقاء بالذات وتحقيق طموحات وأماني لدى الكثيرين ويمكن ذلك إن شاء الله
من لا يريد أن يصبح غنياً ؟ من لا يريد أن يتحسن وضعه المالي ويصبح من ضمن الأثرياء ؟ بالتأكيد كل من يقرأ هذه السطور يريد ذلك، لأن حب المال محبب لكل نفس بشرية، وقد أخبرنا الله في كتابه الكريم بأن الناس يحبون المال ، قال تعالى : (وتحبون المال حباً جماً) وفي موضع آخر من كتابه الكريم قال : (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة …) ، إذن حب المال فطرة بشرية يتساوى فيه جميع البشر، ولذلك نرى السعي في الأرض حثيثاً من أجل المال..
ولو تم تخيير الناس بين أن يصبحوا أغنياء أو فقراء فبالتأكيد سيختارون الغنى، تقول جرترود شتاين في مقولة شهيرة : ” لقد جربت الغنى وجربت الفقر، ووجدته أنه من الأفضل أن يكون المرء غنياً ” ، ولو تتبعنا حال الناس لوجدنا أن هناك طبقات مختلفة، منهم الغني ومنهم الفقير ومنهم متوسط الدخل، وهذه سنة الله في عباده، فلقد قسم الله الأرزاق بين الناس وهذا شيء مسلّم به، وفضل بعضهم على بعض، ولكن من الخطأ أن يستمر الفقير في فقره، بحجة أن ذلك مقسوم ومقدر وأن ما عليه سوى التسليم ، لأن الله أمرنا بالسعي في الأرض واستعمارها (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حثنا على اكتساب الرزق في أحاديث كثيرة، فمن جدّ وجد، ومن سعى وثابر واجتهد سيجني ثمرة ونتيجة سعيه.
بعد هذه التوطئة التي رأيت أنها ضرورية، دعني أتكلم على النطاق الشخصي، هل تريد أن تكون ثرياً ؟ اسأل نفسك هذا السؤال، ثم اتبعه بسؤال آخر ، هل أنت تقوم بأعمال تقربك من تحقيق هذا المراد ؟ أم أنك تركن إلى الأماني وتنتظر أن تهبط عليك ثروة وأنت نائم على سريرك ؟ هل تريد أن ترى المال يعمل من أجلك لا أن تعمل أنت من أجله ؟ هل تريد المال يجلب لك مزيداً من المال؟
لو تتبعنا عادات الأثرياء لوجدنا اختلافات في العادات وتدبير الأمور عن كثير من الناس الذين يكدحون ليل نهار، طبعاً هناك استثناءات لا يمكن غض الطرف عنها، ولكني أتحدث بشكل عام ، ولك أن تتأمل في حال الناس لتكتشف بنفسك ذلك، بعد هذه المقدمة ، هل لنا أن نتساءل هل يمكن لأي شخص أن يصبح ثرياً ؟
في واقع الأمر، بنسبة كبيرة نستطيع القول : نعم ، تستطيع أن تكون ثرياً، لأن هناك شواهد كثيرة وقصص متنوعة لأثرياء صنعوا ثرواتهم بأنفسهم عندما أرادوا ذلك (طبعاً بتوفيق الله قبل كل شيء) ، فالرغبة والإرادة القوية هي نقطة الانطلاق لتحقيق الثروة ، تتبعها خطوات كثيرة تحتاج مزيداً من الوقت، مزيداً من الجهد، مزيداً من الرغبة، مزيداً من الصبر .
ما رأيكم أن نتعرف على عادات الأثرياء ؟
للأثرياء والناجحين بصفة عامة عادات مشتركة ، ربما بعضها تكون سجية في الشخص نفسه، وبعضها قد يكون اكتسبها من خلال التعلم والممارسة والمثابرة وإلزام النفس وعدم إتباعها لهواها، فالنفس كما هو معروف تميل للدعة والراحة .
1- الأثرياء مرتبون:
هل وجدت ثرياً فوضوياً ؟ لقد قرأت في سير بعض الأثرياء ووجدت الترتيب شيء مهم في حياتهم، ترتيب كل شيء، العمل، الأسرة، الترفيه، القراءة والاطلاع، الهندام … إلخ … ألق نظرة على حياتك .. هل هي مرتبة كما يجب؟ ألا يتكدس على مكتبك الكثير من الأوراق التي لا تحتاجها ؟ كم هي المهام التي عليك أن تؤديها سواء لعملك أو لمنزلك أو لك شخصياً وما زلت تماطل وتسوف لإنجازها ؟
2- الأثرياء يعملون بجد :
يتناقل الكثير بأن التاجر الفلاني يمكث في عمله إلى ما بعد ساعات الدوام الفعلي ، في الحقيقة أن الأثرياء لا يلتزمون بعدد معين للعمل، بل يعملون بجد لأوقات كثيرة (مع عدم إهمالهم بالطبع للاحتياجات الأخرى) ولكنهم جادون في عملهم ، ينجزون أعمالهم بإتقان وتفان، هذا السلوك يعجل ويسرع في كسبهم مزيد من الأموال.
بقي أن أشير هنا إلى أن حسن إدارة الوقت سيوفر كثيراً عليك عزيزي القارئ)، وكذلك على الثري، وهذا السلوك القويم يتفاوت تطبيقه من ثري لآخر، والثري المميز هو بالطبع من يدير وقته بفعالية كبيرة .
3- الأثرياء لديهم أهداف ويكتبون خططاً لتحقيقها:
هل تعتقد بأن الأثرياء يسيرون بدون خطط ؟ بالتأكيد لا ، الأثرياء والناجحون على حد سواء لديهم أهداف مكتوبة، ولديهم خطط يسيرون عليها لتحقيق هذه الأهداف، لا مانع من أن أحيلك على
4- الأثرياء لديهم أكثر من مصدر دخل:
هل تتوقع أن الأثرياء يعتمدون على مصدر دخل واحد فقط ؟ قد تقول لي نعم ، والواقع أنه ربما يكون للثري مصدر دخل أساسي تكونت ثروته منه، لكنه بالتأكيد لديه مصادر دخل متعددة، هذا يحتم عليه المعرفة بالطرق الاستثمارية لأمواله، ربما لا يعرف؟ حسناً يستطيع أن يستشير أهل الاختصاص .
5- الأثرياء معتدلون في إنفاقهم :
ربما لا تعجب هذه الصفة كثيراً من القراء ، لا بأس ، لكن بشهادة كثيرين فإن الأثرياء ينفقون باعتدال نسبة إلى ما يملكون من أموال، ولذلك تسمع من يقول : فلان الله معطيه وناشف ! (أي أن الثري الفلاني لديه من الأموال كثير ومع ذلك لا ينفقها) ، إذاً تنبه بألا يغريك الإنفاق أكثر عندما تكسب أكثر .
6- الأثرياء متميزون في ادخارهم :
أتمنى لو أعرف إحصائية في العالم العربي وخصوصاً الخليجي لأعرف كم نسبة أولئك الذين يدخرون من أموالهم بصفة مستمرة ، ربما بعضهم لا يعرف معنى كلمة ادخار، بالرغم من أن الادخار يعتبر أحد عوامل بناء الثروات، المهم أن تعرف بأن الأثرياء هم أناس مميزون جداً في ادخارهم ويدخرون أكثر من الأشخاص العاديين .
كيف يمكن لك أن تنمي شعورك بأهمية الادخار ؟ غيّر الطريقة التي تنظر بها للإنفاق، هناك حقيقة أو قاعدة تقول : كل مرة تشتري فيها أصلاً مستهلكاً تصبح أكثر فقراً .. وما أكثر ما نشتري من هذه الأصول ودعوني أضرب لكم مثالاً حتى تتبينوا هذه القاعدة ..
قبل فترة ليست بالقصيرة كنت مع أحد الأصدقاء وكان حديثنا عن المصاريف وكيف أصبحت خلال السنوات الأخيرة أكثر بكثير مما هي عليه الآن، ثم صادف أن أخبرني بأنه اشترى سيارة من نوع معين وكيف استنزفت هذه السيارة أمواله وأرهقته بالصيانة ، وهذه السيارة معروف عنها بأن تكلفة صيانتها باهظة ، وتكلفة قطع غيارها أيضاً باهظة ، فسألته لماذا اشتريتها ما دام الأمر كذلك ؟ فأخبرني بأن شكلها جذاب وفخمة وتشعرني بالفخر أمام زملائي !!! طبعاً انتهى به الحال إلى أن باع السيارة بعدما استدان لصيانتها واستدان لشراء سيارة بديلة عنها .
للقيام بخطوة عملية في هذا الجانب، افتح حساباً ادخارياً في أحد البنوك، لا تستخرج له بطاقة بنكية (صراف، فيزا) ولا تستخرج له دفتر شيكات، اجعله فقط للادخار ، وحول شهرياً 10% على أقل تقدير من دخلك لهذا الحساب .
7- الأثرياء يحصون أموالهم باستمرار :
الأثرياء يحصون أموالهم بانتظام، يعرفون ما لهم وما عليهم ، يعرفون كم زاد في أصولهم ، وكم نقص، يعرفون الأرباح التي حققوها ، كل ذلك يكون بانتظام ، هذه العادة يمكن أن تكون ضمن العادة الأولى، ولكني أفردتها لأهميتها.
روبرت كيوساكي في كتابه المشهور الأب الغني والأب الفقير أشار إلى هذا الأمر وشدد عليه، أنصحك بالرجوع لكتابه وقراءته ففيه الكثير من الفوائد المهمة في هذا الجانب، إن ترتيب ميزانيتك ومعرفة ما لك وما عليك بشكل منتظم ودوري أمر مهم جداً في تخطيط حياتك المالية، ونصيحتي لك في هذا المجال أن تقوم بإعداد ميزانية شخصية شهرية، واستفد من برامج الحاسب الآلي ( الاكسل ) وصمم جدولاً إلكترونياً يضم قائمة الأصول والخصوم، احصر جميع ديونك وكذلك ممتلكاتك، لا تنسى الادخار واجعله كمصروف ثابت عليك أداؤه في حسابك الادخاري.
عند كتابتك للأرقام وتأملك لها ، ستجد أن كثيراً من الثغرات وكثيراً من القرارت عليك أن تؤديها ! وربما تكتشف أنك تسير نحو الهاوية ونحو الإفلاس ونحو التحول من دائن إلى مدين ! وربما العكس أيضاً لا يمكن أن نكتشف ذلك ونحن نصرف ونصرف ونصرف دونما نظرة عن قرب وإحصاء شامل لأموالنا وممتلكاتنا .
8- بينما تحاول أن تكتسب عادات الأثرياء .. لا تحرم نفسك :
قد يملؤك الحماس عند قراءة العادات السابقة وتبدأ في التقتير على نفسك وأهلك ، والصحيح أنه عليك لا تحرم نفسك ووازن بين الأمور، وقد ذكرت سابقاً بأن حياتنا مليئة بالأشياء الهامشية والإنفاق غير المسؤول على أشياء لا فائدة منها ، عند تحليلك وحصرك لهذه الأشياء ستعرف أين يمكن لك ترشيد إنفاقك وما هي الأشياء التي يجب أن تتوقف عن الإنفاق من أجلها .. لذلك الموازنة في هذا الجانب مطلوبة .
وأخيراً .. أنا عند ظن عبدي بي:
فالالتجاء لله ودعائه، والثقة واليقين بأنه سيستجيب دعاءك إذا أخلصت له وعملت الأسباب ، كل ذلك سيقربك من تحقيق هدفك إن شاء الله، فليكن شعارك التفاؤل الحسن .
تمنياتي لك بحياة سعيدة ثرية .